/صفحة 414/
قال: غير أن هذه ليست سوى حالات فرديد ولا يزال من المتبعد كثيراً أن نستدل من الظواهر الأخرى على أنها تكشف عن حالة عقلية شاملة" بهذا الكلام ختم "جولد تسيهر" كتابه المسموم عن العقيدة والشريعة.
وقد يكون الرجل شرد عن الجادة في حديثه الطويل عن الإسلام، ولكنه أقترب من الواقع في تصويره لأحوال المسلمين، وتجسيمه للشقاق الذي دب بينهم عدة قرون!
وهو الخلاف الذي نرجو أن يتقلص سواده وتنقطع أبعاده، والذى يعمل رجال التقريب لتخليص المسلمين من عوائقه وعقابيله. .
لقد أحسست وخزاً في قؤادى، وأنا أقراً كلمة الإسلام الشيعى، والإسلام السنى، التي ترددت على لسان المستشرق المجرى مراراً.
هل هناك إسلامان حقاً في أمتنا؟ إنه إسلام واحد، إسلام عار عن هذه الأوصاف الزائدة، مجرّد من تلك الإضافات المحدثة.
إن الله أرتضى لنا الإسلام دينا، ومن سبعين قرناً سمانا أبو الأنبياء إبراهيم بهذا الاسم الكريم، ثم جاء النبى الخاتم محمد بن عبد الله. فهذانا الصراط وأتم النعمة، وترك فينا وحيه وهديه. فنحن بميراثه مستمسكون، وبهذا الإسلام الحنيف مستظلون ومستشرقون، وما نرغب عنه إلى شيء، ولا تصرفنا عنه نسبة مفتعلة.
وقد أختلف المسلمون في أمور عديدة، لكن أحداً منهم ما يرضى بعنوان غير الإسلام ويستحيل أن ترجح عنده صفة أخرى على العنوان الفذ الأثير. . . !
إذن ما الذي حدث؟ الحقيقة أن هناك أناسا لا يتقون الله في دينهم ولا في أمتهم، أطلقوا غيوماً داكنة من الإشاعات والظنون كانت العلة الدفينة في تمزيق الشمل، وملء الرءوس بطائفة من التصورات الباطلة، والنفوس تبعاً لذلك بطائفة أخرى من المشاعر المنحرفة.