ـ(15)ـ
بنفس الاختيار الإلهي لشخص الرسول ومن بعده. ولهذا نرى: إنّ الرسول قد أخذ لعلي ـ عليه السلام ـ البيعة يوم الغدير. وهذه البيعة تكشف عن النص الاختياري الإلهي لشخص علي ـ عليه السلام ـ. وكان لرسول الله هذا المقام في مكة قبل إنّ يهاجر، ولكن الفرصة لم تكن مواتية لكي يحكم رسول الله فعلياً، وبتعبير أدق: إنّ المشركين لم يسمحوا لهذا الأمر بالتحقق؛ بسبب ما كانوا يتمتعون به من نفوذ قوي في مكة آنذاك.
ولهذا لم يأخذ الرسول البيعة من أحد حينما كان في مكة، في حين قام بأخذ البيعة من الناس في المدينة في طليعة هجرته إليها، وكان يأخذ البيعة من الناس في أماكن ومناسبات متعددة، ومهما كان فهو بحاجة إلى دعم الناس السياسي.
ومنها أيضاً: بيعة الرضوان في الحديبية.
ولهذا الموضوع ـ أي: دور البيعة في الحكومة الإسلاميّة ـ بحث طويل ليس هنا محلة.
ونصل بهذا إلى: إنّ هجرة الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ كانت بداية حكومته السياسية.
هذا، وقد أخذ أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ البيعة من الناس أثناء تصديهم الفعلي للحكومة عند ثوراتهم ضد الغاصبين. فالإمام علي والإمام الحسن عليهما السلام قد أخذ البيعة في بداية الخلافة، والإمام الحسين ـ عليه السلام ـ قد أخذها قبل ثورته، حيث أخذ ابن عمه مسلم بن عقيل لـه البيعة من أهل الكوفة.
وأما بقية الأئمة: فإنهم لم يتصدوا للحكومة فعلياً لظروف سياسية، ولذا لم يأخذوا البيعة من أحد إلاّ الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ، حيث كانت بيعته قسرية عندما جعل ولياً للعهد وليس وليا للأمر، وأن الأمر لم يستمر، وانتهى بشهادة الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ، حتّى وصل الأمر إلى الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ الذي سوف يقوم في مكة بين الركن والمقام حسب الروايات (1) الكثيرة ويأخذ البيعة من الناس.
كان هذا رأي الشيعة الإمامية في المقام والمنصب السياسي للرسول الأكرم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ
__________________________________
1 ـ جامع الأحاديث 1: 204، ط 2.