/ صفحة 247 /
أسوق هذا الحديث ليذكر الأستاذ الكاتب الكبير أن فكرة روحانية الإسلام لم تكن رأياً لي يوم نشرت البحث المشار إليه، وأننى رفضت يومئذ رفضاً باتاً أن يكون ذلك رأيى، فما ينبغى ـ وذلك موقفى ـ أن أعود اليوم فأقول اننى أدعو إلى أن نرجع إلى ما نشرته قديما من "أن رسالة الإسلام روحانية فقط" لأن ذلك لم يكن رأيى في تلك الرساله ولا في غيرها.
أرجو ألا يظن صديقى أحمد أمين بك أومن يقرأ كلمتى هذه أننى امارى من قريب أومن بعيد في صحة الحديث الذي رواه عنى، فانى لأذكر هذا الحديث نفسه، وأذكر أين ومتى كان؟ وما ينبغى لشى ء يرويه الدكتور أحمد بك امين أن يكون موضعاً للمراء.
وما أرى في الأمر الا أن هناك خطأ في التعبير جرى به لسانى في المجلس الذي كنا نتجادل فيه ونستعرض حال المسلمين، وما أدرى كيف تسربت كلمة روحانية
الإسلام إلى لسانى يومئذ، ولم أرد معناها، ولم يكن يخطر لي ببال؟ بل لعله الشيطان ألقى في حديثى بتلك الكلمة ليعيدها جذعة تلك الملحمة التي كانت حول كتاب "الإسلام وأصول الحكم" والتى أشرت إليها آنفا، وللشيطان أحيانا كلمات يلقيها على ألسنة بعض الناس.
هذه كلمة غير ذات بال لا تمس موضوع المقال، ولكنها تصحح وضعاً شخصيا أرى من الانصاف أن يصحح، أما الموضوع في ذاته فقد رأى الأستاذ الكاتب الكبير:"أن نظريته تؤدى إلى نفس النتيجة التي أراها" وانه ليشرح صدرى أن يرى الأستاذ الكبير أن غايته تتفق وغايتى، وذلك فضل من الله كبير، وما يسرنى أن لي به حمر النعم. ومن يدرى؟ فلعلنا لو حققنا النظر فيما يظنه الأستاد الكبير خلافا بيننا في المدقات لا في النتائج
لو جدنا أكثره يرجع إلى اختلاف في الأسماء وفي تحديد ما تحمل من معان، ولعلنا لو استطعنا أن نحدد الكلمات التي يقوم اخلاف حول معانيها ومدلو لاتها مثل كلمات روحانية الإسلام، والاجتهاد المطلق الخ لو جدنا بعون الله الاتفاق تاماً بيننا في المقدمات والنتائج وفي المبادى ء والغايات ؟