/ صفحه 139/
إن قيام العلماء بما حملوا من أمانة ونصيحة أئمة المسلمين وعامتهم أيمن على المسلمين من بركات الأرض والسماء وإن تضييع العلماء أمانتهم وغش المسلمين أئمتهم وعامتهم أشأم من الصواعق المحرقة والطواعين المدمرة.
وسأ ضرب مثلا:
لقد منح الله الأمم الإسلامية في العصر الأخير قوة تجلب لها كل قوة، وتفتح لها باب الرقي والعز.
لقد أعطاها الاكسير الذي في قدرته التحويل والتعيير، ليس الاكسير الذي هو أجدى من ذلك، هو الاكسير الذي يحول الأمم الجاهلة إلى أمم عالمة، والأمم المنحطة إلي أمم عالية، والأمم الذليلة إلى أمم عزيزة، أتدرون ما هذا الاكسير؟: أنه النفط الذي تفجرت به أرضها وأمم الأرض بحاجة إليه لأنها بنت حضارتها عليه، فهو ذهب نضار يتفجر من أرضها، هو مال، والمال عصب الحياة، هو إحدى الدعائم الثلاث التي ترقي الأمم وتعزها وهي المال والعلم والقوة، ودعامة المال يمكن أن تأتي بالدعامتين الأخريين العلم والقوة ودعامة المال لا تفعل ذلك بنفسها ولكن بشرط أن تنفق كما يأمر الشرع الحكيم أما إذا انفق على غير هذا الوجه أورث الترف وحسبكم بالترف مفسدة للأفراد والأمم.
فإذا قام العلماء ببيان ما أنزل الله وعرفوا الأمراء والولاة حكم هذا المال في الإسلام وأنه يجب أن ينفق في مصالح الأمة من سد الثغور وتجنيد الجنود واتقاء الأعداء المغيرة عليهم وتحصين الأمة الإسلامية بالعلم والقوة وحملوا الحكام على ذلك بلغت الأمة الإسلامية أرقى درجات العز وسادت أمم الأرض ونجت من بين براثن وأنياب الأسد المطبق فكيه عليهم.
وإن كتم العلماء ما أنزل الله وأنفق ذلك المال في الترف ساء الحال وزادت الأمة الإسلامية فسادا على فساد وابتلعتها الهوة الفاغرة فاها لتبتلع الأمم الجاهلة الضعيفة المنحطة.